جميل أثر ،،،

ظلمة الغيوم

في سماء الحياة الدنيا تتراكم الغيوم بعضها فوق بعض 
فينقلب النهار الي ليل حالك ...والنور الي ظلمة 
ثم تشتد الظلمة....وتشتد ....وتشتد.....حتى  
اذا اظلم المكان....بعدها ينزل المطر ....والغيث ينهمر بقوة..
الى الارض العطشى ...فتهتز به الحياة ...والى قلوبٌ لهفى ...الى ماء ٍعذب...
يسقيها وقد طال انتظارها ...وهلكت من الظمأ...حتى الخوف داهمها عند ظلمة المكان
فما كان بعد ذلك الا ...غيثا عذبا به كانت الحياة 
صور الله سبحانه وتعالى ذلك في هذه الاية :
{أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين}
فهذا (الصيب) وهو المطرالذى سينفع البلاد...يكون مصاحبه له في السماء ظلمات ثلاث وربما أكثر
ظلمة الليل ..(كلما أضاء لهم مشوا فيه)...وهذا لا يكون الا في الليل
وظلمة السحاب ....لان السحاب الكثير يتراكم بعضه على بعض ....فيحدث من ذلك ظلمة فوق ظلمة
وظلمة المطر ...لان المطر النازل ....له كثافة تحدث ظلمة 
 في وسط هذه الظلمات ..هناك ...الرعد ذلك الصوت القوي الذى تهتز منه الكائنات 
ومعه...البرق ذلك النور القوي الذي يلمع في السحاب بقوة ....وبعده تشتد الظلمة لانه سبقها ضوء قوي
ومن شدة الموقف..يضعون اصابعهم في آذانهم خوفا من الصواعق...التى تهلك من اصابته ..بنارها...وتحرقه 
فهل ينجيهم هذا الفعل من الموت؟!!...وانما فعلهم مثل فعل النعامة ...التى تدخل رأسها في الرمل اذا رأت صياد 
وتظن انها ان لم تره بعينها ستنجو منه...وما ذلك منجيها
وهم كذلك لن ينجيهم فعلهم هذا...من الموت لان الله محيط بالكافرين 
ان اراد لهم الموت ...او الصواعق تحرقهم فلن ينجيهم فعلهم هذا
فهؤلاء ...عندهم ظلمات في قلوبهم ...فقلوبهم ملئ بها...لا يرون الحق من هذه الظلمات
 قد أصابها صيب وهو(القرآن)...فيه رعد...والرعد هو وعيد القرآن....الا أنه بالنسبة لهؤلاء الكفار والمنافقين
وخوفهم منه ...كأنه رعد شديد....
وفيه ايضا برق....وهووعد القرآن...الا انه بالنسبة لما فيه من النور...والهدى الا انه كالبرق في قلوبهم..
لان البرق ينير الارض بانارة قوية وسريعة ...تاركا خلفة ظلمة اشد مما كانت عليه 
فقلوبهم احتلكت بها الظلمة فهم يستقبلون نعمة الله بغير حقيقتها
هم لا يرون النعمة الحقيقة في ان هذا المطر
يأتى لهم بعوامل استمرار الحياة 
هم فقط ياخذون الظاهر من الغيوم من ظلمة المكان ..وقوة الرعد... وشدة البرق..
وكذلك المنافقين...لا يستطيع الواحد منهم ان يصبر على شهوات نفسه ونزواتها...
انه يريد ذلك العاجل ولا ينظر الى الخيرالحقيقي...الذى وعد الله به عباده المؤمنين...في الاخرة
وهوينظر الى التكاليف كأنها شدة ومسألة تحمل النفس بعض المشاق...
ويغفل عن حقيقة جزاء التكاليف في الاخرة
وكيف انها ستوفر لهم النعيم الدائم ....
تماما كما الانسان الغافل الى ان المطر على انه ظلمة ورعد وبرق ....
وينسى انه بدون هذا المطر من المستحيل ...ان تستمر الحياة ..
هم ياخذون هذه الظواهر انها كل شئ 
بينما هي في الحقيقة قصيرة تختفي ...بسرعة البرق وقوة الرعد 
ربما تكون في بعض الاحيان قوية شديدة ولكنها... قصيرة.... كالحياة الدنيا
ولا شئ يبقي بعد الغيوم السوداء الا ...المطر
تفسير الاية من تفسير الشيخ العلامة :ابن عثيمين...بتصرف
















0 التعليقات: